“افتح مطعم ..”أو كافيه ،هكذا يكون الرد على جملة “أنا بفكر أعمل مشروع” ،هذا الرد ثابت عند أغلب المصريين دون تفكير والسبب أيضاً ثابت وواضح وهو “هو الناس بتبطل أكل“؛ كان لهذه العبارة مفعول السحر قبل بضع سنوات من الآن نظراً لقلة المتنافسين وكثرة المستهلكين؛ أما الآن فقد زاد عدد المستهلكين وتنوعت أذواقهم لكن عدد المتنافسين زاد أيضاً وأصبحت المنافسة قوية والبقاء هنا ليس للأقوى بل للأكثر تميزاً؛ البقاء للمتفرد الذي يصنع شيئاً مختلفاً أو يقدم لك نفس الشيء ولكن بطريقة مختلفة تجعله متميزاً عن الباقين. هكذا أصبحت المنافسة أكثر شراسة خاصة بعد ظهور السوشيال ميديا وزيادة تأثيرها على توجيه المستهلك.
أصبحت الكثير من المطاعم لها صفحات خاصة على الفيسبوك ومنهم من يتعامل معها باحترافية عن طريق تخصيص موظف لمتابعتها “أدمن الصفحة“، بل وذهب الأمر أبعد من ذلك بعد أن أصبح هناك صفحات متخصصة في تقييم المطاعم والحكم على جودة ما تقدمه من أكلات ولهذه الصفحات صداها الجيد عند الناس وتأثيرها عليهم ومن هذه الصفحات من هم حقاً حياديون وموضوعيون في آرائهم ومنهم – فى رأيي – من يكتبون إعلانات مدفوعة الأجر في شكل (ريفيو).
أما عن شكل المطاعم الآن؛ فمع هذا التطور الذي ذكرناه سابقاً اختلفت أشكالها كثيرا؛ً فهناك المطاعم التي تعتمد على الطابع الشعبي لجذب زبون لا ينتمي لهذه الطبقة بالطبع؛ في هذه الحالة المطعم يلعب على نقطة أنه يوفر للزبون جواً لن يستطيع أن يجده في البيئة المحيطة به وحتى نوع الأكلات في الغالب لن يستطيع الزبون أن يتذوقه في منزله، وهذا النوع من المطاعم ينقسم لنوعين من حيث الموقع الجغرافي؛ فهناك من يعتمد على أنه متواجد بمنطقة شعبية مثل أسطورة الماضى القريب “البرنس” الكائن بشارع الوحدة العربية بحي إمبابة وهناك أيضاً أسطورة الحاضر “كابر صبحى“؛ يتشابه الاثنان في نوعية الطعام المقدم وإن زاد كابر على البرنس في تقديمه للمشويات ويتشابه الاثنان أيضاً فى طبيعة الحي الذي يقعان فيه، فجزء من متعة بعض زبائنهم في رحلة الوصول إليهم وكونها مغامرة أنه أكل النهاردة في إمبابة أو في روض الفرج.
هناك أيضاً من يذهب أبعد من ذلك فيتجه إلى “خيم المندى” فى كرداسة قاطعاً لذلك الطريق الدائري بأكمله – و ما أدراك ما الدائري – إنها حقاً مغامرة غير مأمونة العواقب خاصة في طريق العودة ليلاً. هناك أيضاً من يوفر لك ذلك الجو الشعبي ولكن في أماكن أكثر رقياً وأكثر أمناً أيضاً مثل “أبو السيد” ذلك المطعم الذي يقدم الأكلات الشعبية – ويقدم الخمور أيضاً – ولا تسألني ما العلاقة بينهما ولكنه سر الخلطة، فهذا المطعم متمركز في حي الزمالك منذ فترة كبيرة وبالطبع كلنا نعرف كم عدد الأجانب الذين يتواجدون في هذا الحي؛ والآن هو متواجد أيضاً بمول سيتي ستارز الشهير؛ على نفس الدرب يسير مطعم “زوبة” الواقع في حي الزمالك أيضاً وهناك فرع شارع 9 بالمعادي لما لأهل المعادي من حق في تناول هذه الأكلات – اﻷورينتال – هذا بجانب فرع الداون تاون بالتجمع حتى لا يتهمهم أحد بالتفرقة بين أطراف المجتمع – أو أطراف الدائري – مش فارقة.
هكذا كان النوع الأول من المطاعم في مصر؛ أما النوع الثاني فهو مطاعم الاستايل، وهذا النوع من المطاعم يحاول الجمع بين جودة الطعام – حسب المقاييس المصرية – وجودة المكان أيضاً، حيث تستطيع فيه أن تخرج مع زوجتك وخطيبتك بجانب أن تمارس حقك في قول كلمتين حلوين أثناء تناول وجبتك – بعكس النوع السابق – ومن أمثلة هذا النوع “تشيليز” و “روستري” و “كورتيجيانو“؛ أعرف أن هناك مطاعم أخرى لكنها عنصرية بالنسبة لكاتب هذه السطور والمطاعم التي اعتاد الذهاب إليها!
هناك أيضاً المطاعم “الاستايل قوى” مثل “سكويا” حيث نهر النيل بجانبك وهناك “جابرييل” حيث البطل أحمد عبد العزيز بجانبك – مش عارف إيه المتعة في كده – بس من المؤكد أن هذا النوع من المطاعم ستايل أكثر من اللي قبلهم وده لعدة أسباب مثل الموقع ،وجود خمور – بالنسبة لي مش ميزة –، الإضاءة مع الديكور اللى بيضيف رومانسية أكثر على المكان، الراقصة اللى بتكون موجودة في جابرييل يوم الخميس – جايز–، ممكن بما أن هم أغلى فعشان كده هم ستايل أكتر ،كل دي احتمالات واردة بس الأكيد إن مفيش فرق في طعم الأكل نفسه.
هناك أيضاً موضة المطاعم اللبنانية وهي رائجة بالمناسبة لما لها من مذاق لذيذ وحاجة جديدة برضه؛ ومن أمثلة هذه المطاعم “تمارا” و“ليلى” و هما مملوكان لنفس الشركة بالمناسبة – راجع نظرية أحمد حلمي التسويقية في فيلم جعلتني مجرما ً– أيوة بالظبط كده “كل نفسك قبل ما حد ياكلك“؛ نرجع لموضوعنا ونلخص كلامنا في إن مطعم يقدم أكل لبناني في ديكور لذيذ و كراسي مريحة ومختلفة هي بضاعة رائجة أيضاً هذه الأيام.
هناك أيضاً نوع من المطاعم يعتمد على نقل تجربة أجنبية مثل مطعم “كازا دو كارن” البرازيلي والذي يقدم بوفيه لحوم مفتوح مقابل 200 جنيه للفرد؛ وهناك أيضاً مطعم “باركاو” المكسيكي والذي يتضح من اسمه الإسباني أنه مطعم مشويات – باربكيو يعنى بس بالإسباني – و للصدفة أو لحسن التخطيط كلاهما في المعادي وهناك أيضاً مطعم “مهراجا” الهندي ونرى أن وجه التشابه هو أن كلهم يقدمون اللحوم ولكن بطرق مختلفة – معروفة المصريين بيحبوا اللحمة –، هناك أيضاً تجربة المطاعم السورية “شاورما ومناقيش” وهذه التجربة زادت وانتشرت ولازالت بعد مجيء الكثير من إخواننا السوريين في أعقاب أحداث الثورة السورية.
هناك أيضاً تجربة مطاعم البرجر حيث الأحجام الكبيرة و اللحم الخالص –بدون فول صويا – والشوي على الجريل مثل “بافالو برجر” و “وايلد برجر” وغيرهم، يذهب الشباب لدفع ضعف أو أكثر مما يدفعون في “ماك” و“هارديز” ليتذوقوا طعماً مختلفاً للبرجر – و إن كان هارديز الأقرب للحقيقة -.
هناك أيضاً مطاعم تعتمد على الفكرة مثل “تويستد فروزى” وهو الأيس كريم بنكهاته المختلفة والمستحدثة على ذلك الصاج الغريب – طعمه ممتاز بالمناسبة – وهناك أيضاً “باى بايك” وهي عربة البطاطا بالنوتيلا وبنكهات أخرى هي بالطبع غريبة على البطاطا، هناك أيضاً “بطاطس & زلابيا” وكلها أفكار بسيطة بل وبعضها عادي لكن أحسن تسويقها. هناك أيضاً مطاعم تعتمد على غرابة الاسم مثل “بيف في رغيف“.
وهكذا اختلفت أشكال المطاعم وطريقة تسويقها فمنهم من اعتمد على المكان ومنهم من اعتمد أن سعره قليل ومنهم من اعتمد على أن سعره عالٍ فزبونه مميز؛ وهكذا تعددت الأسباب والأكل واحد وبالهنا والشفا.
Facebook
Twitter
Instagram
Google+
YouTube
RSS