“مافيا المواقف العشوائية“.. مصطلح جديد لإحدى طرق الكسب غير المشروع , لم يظهر كثيرا في وسائل الإعلام ولكن في الحقيقة ذلك المصطلح قائم في الأساس على فكرة قديمة ورائجة إلى حد كبير في المجتمع المصري، استخدمها البلطجية والخارجون عن القانون للحصول على المال بالقوة من السائقين، أو بمعنى أدق تحصيل “الإتاوة“.
المواقف العشوائية أمر غير مستحدث في مصر خاصة وأن لكل محافظة من محافظات مصر مناطق محددة من قبل الحكومة لتصبح مواقف لسيارات الأجرة والسيرفيس، وتتعد وجهاتها إلى داخل أو خارج المحافظة، وتلك هي المواقف القانونية المرخصة.
ويأتي هنا السؤال : ما دام هناك مواقف مرخصة لنقل الركاب داخل المحافظات؛ فما السبب في ظهور المواقف العشوائية؟
يمكن التعرف على المواقف العشوائية عبر عدة علامات أبرزها الزحام وتردد الركاب عليها بشكل دائم وبأعداد كبيرة مما يجذب السائقين إلى الذهاب لتلك التجمعات، فتنشأ المواقف العشوائية مثل ميدان رمسيس بمحافظة القاهرة وميدان الجيزة ومحطة سيدي جابر بالإسكندرية.
ونجد أنه عادة ما تنشئ الحكومة المواقف المرخصة في أماكن بعيدة عن التجمعات وغير مركزية يصعب الوصول إليها، مما يجعل الركاب يحبذون فكرة تواجد السرفيس بالمواقف العشوائية (موقف عبود علي سبيل المثال).
ويلجأ السائقون في المواقف العشوائية لرفع التعريفة المصرح بها من إدارة المرور بوزارة الداخلية، وهو أمر يسهل تحقيقه، فتلك المواقف يشرف عليها البلطجية إشرافا مباشرا بل ويسيطرون عليها.
وإن كنت من المغتربين فستجد نفسك ممن اعتادوا التردد على مثل تلك المواقف، ولكن حقيقة الأمر غاية في الخطورة، فتلك المواقف تخضع لسيطرة مجموعة من الخارجين عن القانون، يديرونها بالقوة حيث يكون الاتفاق منذ البداية بين هولاء البلطجية ليصبح أحدهم “فتوّة الموقف“، إن صحت التسمية، يسمح للسائقين دخول الموقف العشوائي لالتقاط الركاب مقابل مبلغ مالي يدفعه السائق لـ “الفتوّة” أو “القومسيونجي“، كما يطلق عليه، في كل مرة يدخل فيها السائق إلى الموقف لينقل ركاب جدد وذلك في مقابل حمايته وحماية سيارته فضلا عن ضمان استمرار عمله، وسط غياب كامل من رجال الأمن.
ويتردد على تلك المواقف عدد كبير من سيارات الأجرة يصل إلي 500 سيارة في المتوسط يوميا، ويتم حساب المبلغ المتفق عليه بحسب قيمة الأجرة التي يحصل عليها السائق من الركاب، والتي تختلف باختلاف المسافة التي يسيرها.
وعلي سبيل المثال فسائقو السيارات التي تنقل الركاب من القاهرة إلي الإسكندرية تدفع من 100 لـ 200 جنيه في النقلة الواحدة تتحدد حسب المكان الذي يلتقط منه السائق زبائنه داخل الموقف، أي أن قيمة “الإتاوة” على النقلة الواحدة يصل متوسطها إلى 150 جنيه، وإذا تم حساب ما يدفع مضروبا في عدد السيارات، نجد مبلغاً لا يمكن توقعه، قدره البعض بـ 40 مليون جنيه سنوياً !! يذهب إلى هؤلاء البلطجية.
أقوال كثيرة حول الأماكن التي تؤول إليها تلك المبالغ بعد جمعها، وتدور الأسئلة حول من الذي يدير هؤلاء البلطجية، وهل يحصلون على تلك الأموال ثم يلقون بالفتات لـ “العيال الصيّع” كما ورد على لسان السائقين.
كما أن هناك إشاعات ترددت حول تورط بعض أمناء الشرطة في تلك الأعمال سواء بأنفسهم أو عن طريق قومسينجي يجمع لهم الأموال ويكون أداة التنفيذ لهم داخل الموقف.
تلك المشكلة تحتاج إلي تدخل سريع من أجل “فرملة” ضخ تلك الأموال غير المشروعة إلى جهات غير معلومة على مرأى ومسمع من الجميع، فالراكب في النهاية يسعى إلي راحته وتوفير سفر مناسب أما السائق فسيرضي بأي حل يضمن له تحقيق ربح أو كما عبر أحد السائقين، رفض الكشف عن اسمه،: “إحنا مش ممكن نمشي من هنا يا باشا، الأرض زبونها حلو والتحميل مش بياخد نص ساعة, ولو على القومسيون هنعمل إيه؟! حسبي الله ونعم الوكيل”
Facebook
Twitter
Instagram
Google+
YouTube
RSS