سبعة وأربعون عامًا قد مروا على حريق المسجد الأقصى، ولازال الصمت العربى مستمرًا، ولازال الخزي والعار هما سيدا الموقف، فلا حكام العرب يحركون ساكنًا ولا الشعوب العربية تستطيع تحريك حكامها في اتجاه القدس. الكل انشغل فيما أرادوه أن ينشغل فيه، حربًا طائفية في العراق بعد غزو وعدوان غاشم، اقتتال وثورة تُضرَب بالطائرات في سوريا، أوضاع اقتصادية متردية ولهث خلف لقمة العيش في مصر، قواعد أمريكية في دول الخليج، إغراق ليبيا واليمن في صراعات قبلية، طائفية بغيضة في لبنان، دول مغرب عربي تم عزلها عن كل ماهو في اتجاه الشرق، فمن للأقصى إذًا!!
تحية للعدو الصهيوني الذي استطاع تسخير كل إمكانياته وإمكانيات حلفاؤه في الغرب لإيصالنا إلى ما نحن فيه الآن، فلا أحد يتذكر القضية الفلسطينية ولا أحد يتذكر الأقصى وإن تذكرنا فلن نجد شيئًا نفعله سوى البكاء على ما فات وما قد مضى ثم نأخذ في الدعاء على أعدائنا عسى أن يأتي يومًا -أظننا لن نشهده- يتم فيه تحرير الأقصى وعودة شعبنا الفلسطينى إلى أراضيه التي تم اغتصابها على مرأى ومسمع من الدول العربية.
الحادي والعشرين من أغسطس 1969، سبعة وأربعون عامًا والجرح لازال ينزف، فمنذ أيام قليلة قصف الصهاينة غزة وقبل ذلك التاريخ بسبعة وأربعون عامًا، أحرق الاسترالي الموتور الجناح الشرقي للجامع القبْلي الموجود في الجهة الجنوبية للمسجد الأقصى.

روهان عقب إحدى جلسات محاكمته
مايكل دنيس روهان، هذا الأسم الذى لن ينساه الأقصى لمن أقدم على إشعال النار في المسجد القبلي من المسجد الأقصى، والتهم الحريق أجزاءً مهمة منه، لكنه لم يأت عليه، ولكن احترق منبر “نور الدين زنكي” والذى كان يعرف أيضًا بمنبر “صلاح الدين” وهو ذلك المنبر الذي أحضره “صلاح الدين الأيوبى” ووضعه بالمسجد الأقصى بعد أن حرره من أيدي الصليبيين.
الكثير من الدلائل تشير أن سلطات الاحتلال ساهمت في الجريمة، إذ قطعت المياه عن منطقة الحرم فور ظهور الحريق، وحاولت منع المواطنين العرب وسيارات الإطفاء التي هرعت من البلديات العربية للقيام بإطفائه، ولكنهم اندفعوا وأطفؤوا الحريق. واستنادًا لاستنتاجات المهندسين والخبراء فإن الذي شارك في الحريق أكثر من يهودي متطرف واحد، بالرغم من أنهم حصروا المسؤولية عن الحريق بشخص واحد وهو روهان لأنه اكتشف وتم القبض عليه.
هذا بالإضافة إلى حريق النافذة العلوية الواقعة في الزاوية الجنوبية الغربية من الجامع القبْلي، والتي ترتفع عن أرضية المسجد حوالي عشرة أمتار، ويصعب الوصول إليها من الداخل بدون استعمال سلَّم عالٍ، الأمر الذي لم يكن متوفرًا لدى “دنيس روهان”، وكان حريق هذه النافذة من الخارج وليس من الداخل.
أما عن ردود الأفعال العربية تجاه ما حدث، فكعادة حكام العرب كان الشجب والإدانة هما رد الفعل تجاه جريمة كهذه، ولكن كان من تداعيات هذه الجريمة إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي، والتي تضم في عضويتها جميع الدول الإسلامية، وكان الملك فيصل بن عبد العزيز هو صاحب فكرة الإنشاء.
أما عن إعادة الإعمار فقد تولت لجنة إعمار المسجد الأقصى التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية إزالة آثار الحريق التي تعرض له المسجد الأقصى وترميمه وإعادة صنع منبر نور الدين زنكى.
هذا العام لم يرض العدو الصهيوني أن تمر ذكرى حريق الأقصى دون أن يذكرنا بعجزنا وأننا لازلنا مكتوفي الأيدي لا نستطيع الرد على غطرسته فقام بقصف غزة “آخر ما تبقى لنا من فلسطين العربية” فغزة وإن كانت تحت الحصار فهي آخر جزء من فلسطين الحبيبة تحت السيادة الفلسطينية.
قام العدو الإسرائيلي بقصف غزة في ذكرى حريق المسجد الأقصى، فهل هذه تذكرة للأجيال الشابة بأحداثًا تفتح الجروح، أم هى حلقة في مسلسل الإذلال والقهر عن طريق تحويل حياة أهلنا في غزة إلى جحيم، نعم أهلنا حقيقة وليس مجازًا، فغزة على مدار التاريخ كانت جزء من مصر واسألوا أهل العريش ورفح المصرية عن علاقات النسب والمصاهرة فحين نقول أن غزة في القلب فهي حقًا في القلب، هي بالنسبة لي جزء من وطن تمزق ومازال يتمزق، غزة هي الشريان الذي يربطني بفلسطين، وفلسطين تعني القدس، بكل ما تحمله القدس لنا من معانى وذكريات.
Facebook
Twitter
Instagram
Google+
YouTube
RSS