
سيد قطب
سيد قطب…أديب ومفكر إسلامي، هكذا وصفه من عايشه ومن قرأ له واستوعب مقاصده مما يكتب وعن نفسه لم يدّعى يوماً اكثر من ذلك فلم يقل يوماً أنه داعية أو فقيه. كان أديباً وشاعراً له أسلوبه المميز ولغته العذبة ولهذا حين كتب في الفكر الإسلامى كتب بأسلوباً أدبياً بليغاً جذب إليه القرّاء ولكن كانت المشكلة في من يقدر على استيعاب كلامه وفهمه كما أراد هو لمن يقرأ أن يفهم.
وُلدَ سيد قطب في محافظة أسيوط سنة 1906 وأتم تعليمه الأساسى حتى التحق بكلية دار العلوم بالقاهرة، تخرج من كلية دار العلوم وتم تعيينه في وزارة المعارف ومكث بها بعض الوقت حتى ابتعثته الوزارة في بعثة إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليعود بعد عامين فى عام 1950 ليكون هذا العام هو بمثابة بداية لمرحلة جديدة في حياة المفكر الإسلامي سيد قطب.
سيد قطب قبل عام 1950 لم تكن له أي علاقة بجماعة الأخوان المسلمين لكنه كان يشاركهم اهتامامهم بالشأن الإسلامي ولكن بطريقته هو وفكره هو. كان سيد قطب قبل سفره إلى الولايات المتحدة الأمريكية عضوًا بحزب الوفد لبضع سنوات قبل أن ينفصل عنه لخلافات مع قياداته، كان أيضاً عضواً دائماً بصالون العقاد وهو أستاذه وقدوته، هكذا كانت حياة الأديب والمفكر سيد قطب والذي كان قد أتم حفظ القرآن فى العاشرة من عمره.
عاد سيد قطب من بعثته وقد عزم على الانضمام إلى جماعة الأخوان المسلمين بعد ما رأى من فرحة كبيرة –على حد تعبيره- في عيون الأمريكان بعد خبر وفاة “اغتيال” الإمام حسن البنا فقد اهتدى فكره إلى أن هذه الجماعة بالتأكيد على الثواب خاصة بعد أن كره الرأسمالية الأمريكية والتى رآها بوجهها القبيح ورأى كيف فرحوا لمقتل واحد من الإسلاميين العرب.
عاد سيد قطب ومعه فكره الإسلامي وقد رأى أن جماعة الأخوان المسلمين تقف معه على نفس الطريق فانضم إليهم فور عودته وقد عينه المرشد العام لجماعة الإخوان آنذاك السيد “حسن الهضيبى” رئيساً لقسم الدعوة ورئيساً لتحرير مجلة الإخوان المسلمين والتي كانت تصدر أسبوعياً.
كانت ثمة علاقة وطيدة تجمع بين عبدالناصر وسيد قطب فقد كان المدني الوحيد في مجلس قيادة الثورة وكان مكتبه ملاصق لمكتب عبد الناصر، كان له شأناً هاماً فقد كان قاب قوسين أو أدنى من أن يكون وزيراً للمعارف لولا الخلاف الذي حدث بينه وبين عبد الناصر والذي كان سبباً فى تقديم استقالته حيث إنه لم يكن يرغب في المشاركة في حكم قائم على الظلم والانفراد بالرأي.
انهارت بعد ذلك العلاقة بين عبد الناصر وجماعة الإخوان فافتعل حادث المنشية سنة 1954 المزعوم للتنكيل بهم وبكل من عارضه و وضع سيد قطب ومعه الكثير من جماعته فى السجن وأُعدِم المستشار عبد القادر عودة وآخرون. كان قد حكم على سيد قطب بالسجن لمدة خمسة عشر عاماً ولكن تم الإفراج عنه بعفو صحي فى مايو 1964 وسرعان ما أُلقى القبض عليه مرة أخرى وحُكِم عليه بالإعدام ليتم تنفيذ الحكم فجر التاسع والعشرين من أغسطس لعام 1966.
و هكذا أُسدِل الستار على حياة المفكر الإسلامى و الأديب سيد قطب عن عمر يناهز الستون عاماً ولكن بقيت مؤلفاته لتثير الجدل على مدار الخمسون عاماً الماضية وقد اتهمته كثيرون –بعد وفاته- إنه صاحب الفكر التكفيري وإنه المرجع لجماعات التكفير والهجرة التى كانت قد ظهرت فيما بعد، لكن كل من قرأ لسيد قطب “عن فهم” يرى إنه بعيد كل البعد عن هذه الشبهات ولكن لبلاغة أسلوبه فلم يستطع البعض الوصول لما كان يريد سيد قطب إيصاله، فحتى كتابه “فى ظلال القرآن” والذى اعتبره البعض من أفضل كتب التفسير، لم يحمل فى طياته تفسيراً لأحكاماً أو فتاوى ولكنه كان متعمقاً فى روح القرآن ذاته وفى معانيه.
فقد كان سيد قطب مفكراً إسلامياً بدرجة أديب ولم يكن يوماً داعية أو دعىّ.
Facebook
Twitter
Instagram
Google+
YouTube
RSS