هناك، في المُخيم، الوضع سئ جداً.
أُناس يطوفون على مياه الأمل ويُصعقون يومياً بمرارة الانتظار وضيق النَفس بسبب نصف حياة يعيشونها، يتمنون إكمالها ويتمنون خسارتها، فلا مخرج لديهم ولا غد يترقّبونه. أُناس أقصى طموح لديهم هو أن يمر اليوم دون خسارة أرواح جديدة، أو ألّا يزداد الوضع سوءاً؛ فما أقذر من أن ينام الإنسان نصف نوم وهو محاصر بكل ما يدعوا للقلق.
حصار مشدد حول المخيم، فلا أحد يدخل أو يخرج؛ الوضع مهيأ كلياً ولا وجود لأي صوت إعلامي لطلب الاستغاثة أو لنشر الحدث بسرعة. بنية تحتية مُدمَرة، وأحوال غير طبيعية وبيئة غير صالحة للاستهلاك الآدمي، فكانوا في حالة ضعف شديدة تجعلهم غير قادرين على الصمود أمام الظروف المحيطة، فما بالك بالأسلحة؟
ولكن، كل قتل أو احتلال أو غزو يحتاج لسبب حتى ولو كان غير مقنع بالمرة، فكان البحث عن ١٥٠٠ مقاتل فلسطيني مختبئين داخل المخيّم المتهالك هو العُذر القبيح لهذه المجزرة.
رصاص في كل مكان والذي أخذ دور سرب حمام السلام، ولكنه في هذا اليوم كان سرب رصاص وقنابل يستهدف أي شئ متحرّك. لم يكن يُفرّق بين طفل أو سيدة أو رجُل أو قعيد أو شيخ، كان الهدف هو كل شئ في هذا المخيم. فأعتقد أنه لم يكن هناك فرصة حتى لتوديع بعضهم البعض أو حتى لقول الشهادة.
جثث ملقاة في كل شبر عبّرت عن غدر متوقع من قبل قوات الجيش اللبناني الجنوبي وحزب الكتائب اللبناني بتعاون مع الجيش الصهيوني. صراخات استغاثة لا يسمعها أحد إلا الله، وأرواح تلاشت وتركت ورائها أجساد كانت قد ماتت ألف مرة قبل هذا اليوم التعيس على الأمة العربية كلها.
مخيّم كان لا حول له ولا قوة، والذي استمروا في تدميره لليلتان متتاليتان.
أتكلم هنا عن جريمة انسانية.
أتكلم هنا عن صبرا وشاتيلا.
Facebook
Twitter
Instagram
Google+
YouTube
RSS