
البوستر الدعائي للفيلم – المصدر: IMDB
تغير المناخ حقيقة لا مناص منها، والرأسمالية – ما بين شركات الوقود الحفري وشركات الصناعات الغذائية وغيرهما – هي المُستفيد الأول والأخير.. هذه لمحة صغيرة لما يحمله الفيلم الوثائقي الجديد “قبل الفيضان” للممثل العالمي ورسول السلام للأمم المتحدة “ليوناردو دي كابريو” بالتعاون مع قناة “ناشيونال جيوغرافيك”.
يعرض المشهد الافتتاحي للوثائقي لوحة فنية تحمل جوهر ورسالة الفيلم، وهي اللوحة الفنية الأكثر شهرة للفنان الهولندي هيرونيموس بوس المُسماة “The Garden of Earthly Delights” أو “حديقة المباهج الأرضية”، والتي تنقسم إلى ثلاثة أقسام، يصور كل منها مشهداً مختلفاً حيث يُظهر القسم الأيسر منها الجنّة، ويشتمل على خلق حواء وينبوع الحياة، بينما يُظهر القسم الأيمن النار. أما القسم الأوسط – والذي استوحى منه دي كابريو اسم الفيلم – فيمثل مباهج الحياة ومتعها، والتي ما هي إلا عبارة عن إغراءات لاقتراف الآثام والمعاصي بين الجنة والنار، وذلك في رسالة تؤكد على ميول أفراد الجنس البشري للمباهج الدنيوية وعدم الاهتمام بدون ذلك.
يأخذ دي كابريو المُشاهد – من خلال الوثائقي – في رحلة حول العالم من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق حتى الغرب، حيث يستكشف مناطق ودول مختلفة تأثرت جميعها بتغير المناخ بشكل أو بأخر ويلتقي بعدد من الخبراء والسياسيين وقادة الرأي ليكشف عن المشكلة وجذورها وطرق حلها ومواجهتها.
بدءا من بلدان جنوب شرق أسيا كالصين والهند التي تعاني من تلوث جوي شديد وحتى سواحل فلوريدا وجزر المحيط الهادىء المُعرضة لخطر الإختفاء بسبب ارتفاع منسوب المياة ومرورًا بالقطب الشمالي وذوبان الجليد في المناطق الشمالية ككندا وجرينلاند، بالإضافة إلى ما تتبعه الولايات المتحدة من سياسة الانكار والرشاوي التي يتلقاها أعضاء مجلس الشيوخ لدثر القضية… فإن كل هذه هي بعضًا من محطات الفيلم الأكثر أهمية.
ويشمل الوثائقي البالغ طوله 96 دقيقة – لقاءات مع عدد هام من قادة الرأي وأصحاب القرار كالرئيس باراك أوباما وجون كيري ورؤساء عدة جزر في المحيط الهادي وعلماء بيئة، ويقدم “قبل الفيضان” نظرة شاملة على وضع تغير المناخ بما في ذلك البصمة البيئية التى نتركها كأفراد في المجتمع – وحتى دي كابريو نفسه – إلى البصمة البيئية التي تتركها الشركات والمجتمعات والدول.
ويسلط الفيلم الضوء أيضًا – وبالأرقام – على الضغط الذي تقوم به شركات البترول والوقود الحفري على أعضاء الكونجرس الأمريكي وأصحاب الرأي لشراء أصواتهم ودضح أقوال علماء البيئة فيما يتعلق بالاحتباس الحراري والتغير المناخي، والتهديدات بالقتل التي يتلقاها العلماء. كما يكشف الفيلم أيضًا عن استخدام شركات صناعات غذائية كبرى لزيوت نخيل بثمن بخس والتي تتسبب في دمار الغابات وتقطيع الآلاف من الأشجار، وغير ذلك الكثير.
عرضت ناشيونال جيوغرافيك الفيلم مجانًا على الانترنت واليوتيوب حتى السادس من نوفمبر، ويأتي توقيت عرض الوثائقي تزامنًا مع الانتخابات الأمريكية والتي شهدت تجاهلًا كبيرًا لمسألة التغير المناخي وسخرية من المرشح دونالد ترامب.
حتى وإن كنا مُدركين لقضية التغير المناخي بالفعل، فإن “قبل الفيضان” هو توليفة هامة تعرض كافة جوانب هذا الموضوع الحيوي الذي يؤرق علماء البيئة والمناصرين للبيئة، ويقدم دي كابريو من خلالها فيلمًا وثائقيًا جذابا يستحق المشاهدة والاهتمام، والأهم من ذلك فهو بمثابة دعوة استيقاظ أخيرة لأصحاب القرار والرأي وكل فرد على كوكب الأرض لنبدأ في التغيير سويًا قبل أن نسلك طريقًا لا عودة ولا نجاة منه.
Facebook
Twitter
Instagram
Google+
YouTube
RSS